سورة الأنفال - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


ليحق الحقَّ بالتوفيق فيما يحصل ببذل المجهود، والتحقيق لما يظهر من عين الجود.
ويقال لِيُحِقَّ الحقّ بنشر أعلام الوصل، ويُبْطِلَ الباطلَ بقهر أقسام الهزل.


الاستغاثة على حسب شهود الفاقة وعدم المنة والطاقة. والتحقق بانفراد الحق بالقدرة على إزالة الشكاة تيسيرٌ للمسؤول وتحقيق للمأمول. فإذا صدقت الاستغاثة بتَعَجُّل الإجابة حَصُلَتْ الآمالُ وقُضِيَتْ الحاجة.. بذلك جَرَتْ سُنَّتُه الكريمة.
ويقال بَشَرَّهم بالإمداد بالمَلَك، ثم رقَّاهم عن هذه الحالة بإشهادهم أن الإنجاز من المَلِكِ، ولم يَذرْهم في المساكنة إلى الإمداد بالمَلَك فقال: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} ثم قال: {إنَّ اللهَ عَزِيزٌ} فالنجاة من البلاء حاصلة، وفنون الإنجاز والإمداد بالطاقة متواصلة، والدعوات مسموعة، والإجابة غير ممنوعة، وزوائد الإحسان مُتَاحة، ولكن الله عزيز.
الطالبُ واجدٌ ولكن بعطائه، والراغب واصل ولكن إلى مبارِّه. والسبيلُ سهلٌ ولكن إلى وجدان لطفه، فأمّا الحقُّ فهو عزيز وراء كل وصل وفصل، وقُرْبٍ وبُعْد، وما وَصَلَ أحدٌ إلا إلى نصيبه، وما بقي أحدٌ إلا عن حظه، وفي معناه أنشدوا:
وقُلْنَ لنا نحن الأهِلَّةُ إنما *** نضيءُ لمن يسري بليلٍ ولا نُقْرِي
فلا بَذْلَ إلا ما تزوَّدَ ناظرٌ *** ولا وصلَ إلا بالجمال الذي يسري


قوله جلّ ذكره: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَِكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}.
غَشيَهم النُّعاسُ تلك الليلة فأزال عن ظواهرهم ونفوسهم كَدَّ الأغيار والكلال، وأنزل على قلوبهم رَوْحَ الأمن، وأمطرت السماءُ فاغتسلوا بعدما لزمتهم الطهارة الكبرى بسبب الاحتلام، واشتدت الأرض بالمطر فلم ترسب الأقدام في رَملِها، وانتفى عن قلوبهم ما كانت الشياطين توسوس به إليهم أنه سيصيبهم العناءُ بسلوك رَمْلِها وبالانتفاء عن الغُسْل، فلمَّا (...) الإحساسِ، واستمكن منهم النُّعاس، وتداركتهم الكفاية والنصرة استيقنوا بأن الإعانة من قِبَل الله لا بسكونهم وحركتهم، وأشهدهم صرف التأييد وإتمام الكفاية.
وكما طَهَّرَ ظواهرهم بماء المساء طهَّر سرائرهم بماء التحقيق عن شهود كلِّ غير وكلِّ عِلَّة، وصان أسرارهم عن الإصغاء إلى الوساوس، وربط على قلوبهم بشهودهم جريان التقدير على حسب ما يجري الحقُّ من فنون التصريف.
قوله جلّ ذكره: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}.
أقدامَ الظاهر في مَشَاهِدِ القتال، وأقدامَ السرائر على نهج الاستقامة بشهود مجاري التقدير.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8